🔸بحثٌ علميٌ وتاريخيٌ بقلم الأستاذ/ "أحمد حسن مصطفى" -مفتش آثار مصرية - وباحث دكتوراه فى الآثار اليونانية الرومانية.
👈إلى حضراتكم البحث العلمي القيّم (والوثائق النادرة تجدونها حضراتكم في التعليقات):
🔹الموقع الجغرافى:
👈تقع قرية "فيديمين" على بُعد 10كم من "مدينة الفيوم" على الطريق الواصل بين "مدينة الفيوم" و"بحيرة قارون"، القرية تقع على إرتفاع 10 إلى 17 متر فوق سطح البحر، يمر من وسطها "بحر سنهور" المتفرِّع من "بحر يوسف".
🔹إسم القرية:
👈عُرِفَتْ القرية فى بداية عهدها بإسم (Ψεντυμιc) - (Psentymis) - (بيسنتميس)، مع القرن "الثانى" أو "الثالث" الميلادى، وقد ظهر إسم (Φεντεμιν)- (Fentmin) - (فينتمين)، ولكن ظل إسم (بيستميس) مُستخدم ومُتداول فى أوراق البردى حتى القرن "الرابع" الميلادى، ثم بعد ذلك (Fedemin) - أما (فيديمين) فى العصر الإسلامى، فقد كان هناك إسماً آخر ولكن لم يُذكر كثيراً، وهو (εποικιον) – (epoikion) – (إبيكيون)، حيث ظهرت بردية ذكرت "فينتمين" على أنها (إبيكيون).
🔹تاريخ القرية:
👈أقدم وثيقة ذكرت فيها القرية كانت عبارة عن بردية باللغة "اليونانية" القديمة من القرن "الثالث" قبل الميلادى ترجع إلى العصر "البطلمى"، وهذه الوثيقة عبارة عن قائمة بأسماء القرى وعدد المواشى التى تم تسليمها من كل قرية لقائد الشرطة فيها، ربما أُخذت هذه المواشى كضرائب صورة رقم (1)، ذكرت (بيسنتميس) – (فينتمين) حوالى 35 مرة فى برديات من القرن "الثالث" قبل الميلاد حتى القرن "الثامن" الميلادى فى فترةٍ زمنيةٍ امتدت ألف عام، أعطتنا فيها هذة البرديات صورةً عن القرية، حيث تم تربية الماشية وزراعة القمح والقصب والزيتون.
🔹العصر الفرعونى:
👈من المرجَّح أن قرية "فيديمين" قد بُنيت فى العصر "الفرعونى"، نظراً لأن اسم (بسنتميس) مُشتق من كلمةٍ مصريةٍ قديمة، وذلك وفقاً لرأى عالمة المصريات الألمانية البورفيسور (كورنليا رومر)، وما يؤكد هذه الفرضيَّة هو أن مستوى القرية يقع ما بين 10 إلى 17 متراً فوق سطح البحر، وهذا المستوى لم يكن مغموراً بالمياه، على الأقل بدايةً من عصر الدولة "الوسطى" فى الحضارة المصرية القديمة خاصة فى عهدة الأسرة الثانية عشر (1991-1785) ق.م، ويعتبر عهد هذه الأسرة أزهى العصور التاريخية التى مرت على الفيوم، حيث عمل ملوك الأسرة "الثانية عشر" على القيام بمجموعةٍ من المشاريع الزراعية الكبيرة، نجد الملك "أمنمحات الثالث Amenemhet III" قد عمل علي إنشاء سد له بواباتٌ عند "اللاهون" وذلك للتحكم فى مستوى الماء الوارد إلى الفيوم عن طريق إدخال كمية الماء المطلوبة، ثم يتم غلق بوابات السد، وبالتالي تجفيف أكبر مساحة ممكنة للزراعة، كما أنه عمل علي استغلال البحيرة، أي بحيرة "قارون" لتكون خزان طبيعي حيث يتم صرف مياه الفيضان الزائدة اليها، وعند وقت الجفاف يتم فتح بوابات السدود، لتخرج المياه من البحيرة الي النيل عبر القناة الموجودة عند اللاهون لتروي باقي أراضي وادي النيل، وقد اقترن هذا المشروع بشق الترع والقنوات والجسور واستصلاح 127 ألف فدان، وذلك في الأراضي الموجودة عند 17.5م فوق سطح البحر.
🔹العصر البطلمى:
👈من المرجَّح أن الظهور الفعلى لقرية "بسنتميس" كان فى العصر البطلمى (305-30) ق.م، وما يؤكد هذا هو ظهور إسمها كما سبق أن ذكرنا أكثر من مرةٍ فى البرديات اليونانية، يرجع ذلك إلى أن "البطالمة" قد عملوا على توطين "اليونانيين" القادمين معهم فى "الفيوم"، وقاموا بإنشاء قري انتشرت في كل أنحاء الإقليم، وقاموا بإستصلاح مساحةً كبيرةً من أراضي الفيوم لكي يستقروا فيها، وتم إعطاء اليونانين مساحات من الأراضي التي تم استصلاحها، وذلك بعد تجفيف المستنقعات وإزالة الأحراش وعمل ترع وقنوات جديدة من بحر يوسف تحت إشراف مهندسين "يونانين"، ولقد كان أهم نتائج هذه السياسة ظهور مدن وقري جديدة مثل "كرانيس" (كوم اوشيم) "ديونسياس" (قصر قارون) "فيلادلفي"ا (خرابة جرز) و"ثيادلفيا" (بطن اهريت) و"ايوهميريا" (ٌقصر البنات) و"فليوتريس" (وطفه).
👈ومن وجهة نظري الخاصة، والنابعة من عملي كأثرى: تعتبر الأسماء الثلاثة التى سبق ذكرتها وهى (بيسنتميس، فينتمين، إبيكيون)، هى لثلاث قرى متجاورة بشكلٍ كبيرٍ وأن أكبرها هى "بيسنتميس"، ومع الوقت والتوسع السكانى إندمجت القرى الثلاثة فى قريةٍ واحدةٍ، وحملت إسم واحد واختفت باقى الأسماء، وما يؤكد هذه الفرضيَّة أنه يوجد شواهد أثرية منتشرة على مساحة واسعة فى قرية "فيديمين" الحديثة، وأن هذه الشواهد الممتدَّة من غير المعقول أن تمثِّل قرية أو تجمع سكانى واحد فى العصور القديمة، وأنها من المُرجَّح أن تكون لأكثر من قرية أو أكثر من تجمع سكانى.
🔹العصور الإسلامية:
👈ذُكرت "فيديمين" فى كتاب (قوانين الدواوين) للوزير الأيوبى (أسعد إبن مماتى) المتوفى (1209م -606 هـ)، حيث ذُكر أنها "فيديمين" من أعمال الفيوم.
👈كما ذُكرت "فيديمين" أيضاً فى كتاب (تاريخ الفيوم وبلادها) للأمير (أبى عثمان النابلسى الصفدى)، حيث كان أميراً على الفيوم فى عهده السلطان الأيوبى (الصالح نجم الدين أيوب) الذى حكم من (1240م- 638 ه) (1249م-647هــ)، وقد زار الأمير "فيديمين" ووصفها بقرية متوسطة بين الكبر والصغر، ويزرع بها نخل وتين وزيتون فى وادى قريب منها، تبعد عن الفيوم مسافة ساعتين للراكب، بها جامع تقام به الجُمع، خراجها 4600 دينار، يسكنها جماعة من العرب هم بنو جواب فخذ من بنى كلاب.
👈كما أنه قد ذكرها (أميلينو) فى كتابه (جغرافية مصر فى العصر القبطى)، حيث قال ان إسمها ورد فى بردية خاصة بمجموعة الإرشيدياكون (Rainer) وذُكر فيها إسم "تمين" τεμιν (temin)، وأوضح (أيملينو) أن الكلمة ناقصة أو مشوهة، وأن الأصل هو (فنتمين) Fentmin، أرجع الإسم العربى للقرية "فيديمين" إلى إسم إحدى القديسات وتدعى (أوفيمية)، ذُكر أن عدد سكانها 5601 نسمة.
👈هذا وقد زارها (جوفانى بيلزونى) المنقِّب الأثرى الإيطالى فى 6 مايو 1819م، وأثنى على جمالها ومناظرها الطبيعية، وذُكر أنها إسمها "فيديمين الكنائس"، وذُكر أن القرية مبنية على أطلال قرية قديمة، وأكد هذا الرأى (السير جاردنر ويلكنسون).
👈هذا وقد رُسمت صورة للقرية في عام (1819م)، ولكنها نُشرت فى موسوعة الجغرافيا العالمية سنة (1885) صورة رقم (2) من الواضح أن الصورة قد رُسمت لمنطقة ما يُعرف الآن بــ (الجامع الكبير).
🔹تعليق أخير للباحث:
👈أردتُ بهذه "الدراسة العلمية" إلقاء الضوء على تاريخ قريتى الغالية (فيديمين) وتعريف الناس بماضيها بمنهجٍ علميٍ وأكاديميٍ يُثري الجانب المعرفي والعلمي والتاريخي لدى القارئ، وأود القول بأن كل ما أوردته من معلوماتٍ قد تم الرجوع فيها إلى المصادر والمراجع العلمية الموثقة والأكاديمية، وقد بذلت قُصارى جُهدى فى البحث والاطلاع والترجمة وتحرِّى دقَّة المعلومات نظراً لقيمتها العلمية والتاريخية النادرة، وأود أن يقرأ أهل هذا البلد الكريم هذا البحث العلمي ليتعرفوا على تاريخ بلدهم.
🔹المراجع العربية :
-أبى عثمان النابلسى الصفدى الشافعى، تاريخ الفيوم وبلادها، دار الجليل، بيروت، 1974.
-أحمد رشاد موسي: تاريخ مصر الاقتصادي، الدراسة الأولي لحضارات ما قبل التاريخ وحضارة مصر الفرعونية ، المجلس الأعلي للثقافة، 1998.
-أسعد أبن مماتى: كتاب قوانين الدواوين، الناشر مكتبة المدبولى، 1991.
-حسن محمد محي الدين: حكام الأقاليم في مصر الفرعونية، دراسة في تاريخ الأقاليم حتى نهاية الدولة الوسطي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1991، ص209.
-محمد فريد فتحي: في جغرافية مصر، دار المعرفة الجامعية، طبعة ثانية، الإسكندرية، 2000.
🔹المراجع المُعرَّبة :
-و. أميلينو، جغرافية مصر فى العصر القبطى، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة ،2012.
🔹المراجع الأجنبية:
-Mohamed El-Ashiry & Mohamed Kashaf, Account of Livestock from Fayum Villages.
-Ronald James cook, lond of irrigation in the Ptolemaic and roman Fayoum interdisciplinary Archaeological sarvey and exeavation near kom AUshim (ancient karanis) Egypt, university of Michigan, 2001.
- A.E R. Boak, Irrigation and population in the faiyum the garden of Egypt, Geographical review, vol, 16, 1926.
- Cornelia E. RÖMER, The Fayoum Survey Project: The Themistou Meris: Volume A: The Archaeological and Papyrological Survey , Peeters Publishers ,2019.
- Donald B. redford, the oxford encyclopedia of ancient Egypt volume I, oxford university press, New York, 2001.
- Lekeri A. Hossan, Holocene Lakes and prehistoric settlements of the western faiyum , Egypt, sournal of archaeological science, 1986.
- Mary Ellen Lane, AGuide to the Antiquities of the Fayyum, the American university in Cairo press, 1985.
حسن رمضان حسن عيسى
فيديمين اليوم FidimeenToday
01099763637
01281375755
إرسال تعليق