كعادته دائمًا، مستنيرًا بوسطية واعتدال راسخين، لم يترك فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مناسبة دينية أو اجتماعية إلا وأعطانا درسًا بليغًا في الوعي الديني المنفتح، بعيدًا كل البعد عن الانغلاقية والانعزالية، ونابذًا للتطرف والعنصرية بكل أشكالها. لقد ترك فضيلته بابه مفتوحًا لنا دائمًا لننهل من علمه وثقافته ونوره الساطع. إنه بحق فخر الإسلام وعز المسلمين، إمامنا الأكبر، شيخ الأزهر، حفظه الله ورعاه.
لقد جاءت رسائل فضيلته واضحة صريحة لا تقبل أي تأويل أو تشكيك حول الجدل الهزلي الذي يثار في مثل هذا التوقيت من كل عام، وهو الموقف من تبادل التهنئة مع إخواننا المسيحيين سواء في أعيادنا أو أعيادهم، ومدى حرمانية ذلك الفعل. لقد أنهى فضيلته هذا الجدل الهزلي الذي استمر لفترة طويلة، مؤكدًا بجلاء جواز التهنئة، بل ووجوبها شرعًا وليس تفضلاً أو منة، مؤكدًا على ذلك بتوكيد النون.
أكد فضيلته أن الدين الإسلامي هو هدى ونور، جاء مكملاً للأديان التي سبقته، وليس للانتقاص أو الحط من شأنها وقدرها. إنها رسائل إلهية تعبر عن رب واحد لهذا الكون، وأن الإسلام جاء من صميم المسالمة، وهي علاقة البر والإنصاف القائمة على الاحترام المتبادل، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الاضطهاد.
كما أوضح فضيلته ضرورة تغيير بعض العبارات الدينية المستخدمة والمتداولة والتي يُساء استخدامها في بعض الأحيان، كعبارة "أهل الذمة" التي لم تعد مناسبة لعصرنا هذا، ولا تمثل جوهر الإسلام وفلسفته السمحة، الذي يدعو إلى المواطنة بمعناها الشمولي الكامل في الحقوق والواجبات، ولا يميز بعضنا البعض على أساس الانتماء الديني أو الطبقي.
وأشار فضيلته إلى أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد ضرب لنا المثل والقدوة الحسنة في التعامل مع أهل الديانات الأخرى، والانصهار والتماذج معهم في كل إشكاليات الحياة. وقد صحح فضيلته مفاهيم خاطئة متوارثة لا تمت لصحيح الدين بصلة، خاصة بعض العبارات التي اعتدنا أن نصف بها أقباط مصر، ككلمة "الأقليات"، مؤكدًا أنها لا تليق ولا ينبغي لنا كمسلمين أن نتلفظ بها.
لقد جاءت تصريحات فضيلته الواضحة والصريحة لمجلة صوت الأزهر لتخرس ألسنة التطرف التي تسعى دائمًا للوقيعة بين أبناء الوطن الواحد. حفظ الله مولانا الإمام الأكبر، وأدام عليه الصحة والعافية.
إرسال تعليق